الثلاثاء، 30 مارس 2010

خطأ فادح


خطأ فادح

     عندما سئل عبدالفتاح المنغلق عن تعريفه للخطأ الفادح كان بديهيا أن يحك ذقنه بحركة لا إرادية ليداري جهله .. ولعله ظن أن الخطأ الفادح لن يكون فادحاً إذا ما كنتَ تملك القدرة على تعريفه .. ليس إذن من قبيل الاستظراف أو إساءة الأدب أن يرد التلميذ على أستاذه :
-       الخطأ الفادح أن تجعلنا نفكر في الخطأ الفادح !
     فكر عبدالفتاح المطرود من القاعة لارتكابه خطئاً فادحا ، فكر في أخطاء حياته التي يظنها هي الأخرى فادحة .. كان أهمها نسيانه مضغةً صغيرةً منه في كل مكان يذهب إليه .
     عندما عاد إلى شقته وجد النيران قد التهمتْ الصالة وذلك لأنه نسي إطفاء أسطوانة الغاز قبل خروجه .. فكر أن هذا خطأ فادح .. ترك الشقة وتوجه إلى المقهى القريب الذي كان يواعد فيه حبيبته قبل أن يفقدها بسبب خطأ فادح اسمه الوردة ! .. كانا يتنزهان في حديقة ، عندما أعجبته وردة حمراء فاشتهى أن يراها في صدر حبيبته :
-       إن قطف الورود خطأ فادح .
     ولم يرها منذ ذلك اليوم ، رغم أنها تعرف إن اختفاءها يؤذي ما تبقى من وردته ، هي التي قالت له ذات حب :
     - إن إيذاء من كان مثلك خطأ فادح .
     قالت الوحدة للمنغلق لما لكزها الحزن في الخاصرة : فلتغادر المقهى .
     قال البحر : تعال أُجبْ عن السؤال الذي طردك من قاعة الدرس .
     داخل البحر توصّل عبدالفتاح وبشكل مفاجئ يشبه الإلهام ، وبتأثير من الزرقة الساحرة المتواطئة مع ليل مجنون ، إلى الإجابة .. خاض البحر بقدميه ، وعيناه في النجمة البعيدة .. وعندما وصل الماء إلى فمه ، فكر عبدالفتاح المنغلق أن الحياة برمتها خطأ فادح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق