الثلاثاء، 30 مارس 2010

المنبه


المنبّه

     قبل أن ينام تأكد أن المنبه مضبوط على السادسة .. يدرك عبدالفتاح المنغلق أن وضع الرأس على الوسادة في حالة إنهاك شديد لا يمنع إطلاقا حضور صورة المدير العام .. "هذه آخر مرة أقبل فيها حجة واهية كهذه ".. ما يزعج عبدالفتاح أن لهجة مديره كانت توحي بأنه غير مصدق أن المنبه هو الذي لم يكن يرن .. كان المنغلق يستيقظ في التاسعة ، فقط لأن المنبه ينسى كل يوم أن يرن في السادسة .. لكنه هذه المرة مصمم أن يستيقظ في الوقت المناسب .. ذكاء عبدالفتاح المنغلق لا يساعده على إدراك أن أحلام المنهكين مفتوحة على جميع الاحتمالات .
      قال المدير العام : "سأقتلك بهذه الحربة أيها المتسيب" .. صرخ عبدالفتاح مفزوعا وهبَّ واقفا على الفور .. تأكد أن المنبه مضبوط على السادسة .. عاد إلى سريره وهو يقول : "الحمد الله الذي سيرزقني أربع ساعات نوم" .. فجأة قال عبدالفتاح بصوت مسموع :" أنا بشر يا سيادة القاضي ، وليس عدلا أن أؤخذ بجريرة آلة غبية ".. لم يقل القاضي شيئا واكتفى بأن ابتسم .. شيء ما أدخل في روع عبدالفتاح أن هذه ابتسامةُ جزار على وشك أن يذبح نعجته فقرر أن يستيقظ ليتأكد أنه ضبط المنبه .." الحمد لله الذي سيرزقني ثلاث ساعات نوم " .. ثم أن والدة عبدالفتاح فرحت كثيرا حين قُبِل أخيرا في الوظيفة بعد بحث دام ثلاث سنوات .."أريدك  أن تتزوج يا بني .. قلبي يحدثني أن المنبه غير مضبوط " .. ولأنه يطمع في الجنة التي تحت قدميها فقد قام وتأكد أن المنبه مضبوط حامدا الله أن سيرزقه ساعتي نوم .. ثم أن عيني حبيبته جميلتان وكذلك شفتاها وهي تقول إنها لا تحب الكسالى وان لديها ساعة بيولوجية مضبوطة .. كان يقود السيارة بسرعة فيما يتأمل العدسات اللاصقة .."انتبه يا حبيبي ".. يعلم عبدالفتاح المنغلق انه لكي ينتبه المرء لابد أن يكون المنبه مضبوطا .."الحمد لله الذي سيرزقني ساعة نوم كاملة "..سوف ينجز ما تبقى من المعاملات .. وسوف ينال رضا مديره العام الذي لن يكتفي بترقيته ، بل سيستغل علاقاته الأخطبوطية ليظفر له بقطعة أرض سكنية تجارية قرب شاطئ القرم .
***
     في الخامسة والنصف تماما ارتدت الدشداشة  عبدالفتاح المنغلق واعتمره المصر الأخضر ذو الخطوط المزركشة ..كانت الساعة وهو يغادر الغرفة السادسة إلا عشر دقائق ..فكر عبدالفتاح وهو يدخل من باب المؤسسة أن المنبه سينسى هذه المرة أيضا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق